الجسد صوت الروح
قراءة في اعمال الفنانة الانكليزية ستيفاني روو 


(الرسّام المكسيكي الذي صمم جداريات جريئةْ أحيت تقليد الرسوم الجدارية في أمريكا اللاتينية).

ظل الجسد الانساني (العصي على التجريد)* معيارا جماليا الى الحد الذي جعل فيه الغرب من عري الالهات (في رسوم عصر النهضة وصولا الى مرحلة الكلاسية الجديدة) دلالة على الكمال الذي يرتقي بالمتلقي عن النزوات الدنيوية، هذه المقاربة التي شاكسها ادوار مانيه في (لوحة غداء على الاعشاب) وهي النسخة الانطباعية للوحة الفنان جيورجيوني **(كونسرت ريفي). لقد اثارت لوحة غداء على الاعشاب حفيظة الامبراطور نابليون الثالث ووصفها بانها غير محتشمة، هنا تبرز المفارقة. ان كل ما فعله ادوار مانية هو ان جعل احدى الفتاتين العاريتين في اللوحة، تنظر الينا ، هذه النظرة منحت الفتاتين حس الكائن الفاني فعادتا بشريتين. لقد تلاعب ادوار بالوضع الانثوي المقدس جاعلا احدى الفتاتين تحاور المتلقي فانزلها من عرش قدسيتها على القماشة ، في حين ، ان نساء الفن الكلاسي كائنات خالدة علوية، وعريهن دلالة طهر ونقاء كما هو حال سكان الجنة في قصة دستويفسكي (حلم رجل هزاة)، وبالتالي فهن غير معنيات بالمتلقي يمارسن طقوسهن ببراءة وترفّع فهن عصيات على رغباتنا الزائلة
تبلورت هذه الرؤية تجاه جمالية الجسد الانثوي لدى الغرب المعاصر بشكل واضح لدى مصممي الازياء الذين اخذوا ينظرون الى ان وظيفة الزي ليست التغطية الانيقة للجسد بقدر الاظهار الانيق له، من هذه الزاوية تنطلق رؤية الفنانة ستيفاني روو
لكن ستيفاني روو تركز على كيفية تعامل المراة مع وجودها المادي. ان ثيمتها الاثيرة هو ذلك الحوار الازلي الصامت بين المراة وجسدها و لوحاتها بلا استثناء تظهر نساء يعشن حالة من التوحد الصوفي مع اجسادهن الناعمة انهن حانيات عطوفات على هذا الكيان وكأنه صورة لروح حواء، هذه الروح التي تجد سعادتها في انسجامها مع الجسد ومع انسجام الجسد مع من يحسن التعامل معه . ان ستيفاني روو تحاول ان تنقل قدسية اجساد الالهات في لوحات الفن الكلاسي الى اجساد فانية من خلال اقتناص نساء يعشن حالة حوار دافي مع وجودهن المادي.
تقول ستيفاني روو (انها تومن ان الجسد هو خير من ينقل الرسائل) ربما لانها امنت بانه الوجه الدنيوي لروح المراة وان روح المراة وجسدها كيان واحد وقد عملت على اظهار ذلك من خلال اختيار اوضاع الحوار الناعم بين شخوصها واجسادهم . ان الرسالة التي تريد ان توصلها : ان هذا الجسد الدنيوي لا يحتاج الى قديسات لكي نراه كما يجب بعيدا عن دوافعنا الدنيوية وانما علينا ان نرى كيف تعيش المراة مع جسدها لنفهم حقيقته وحقيقة الروح التي يمثلها.
ان اجساد ستيفاني روو لا تختلف عن اجساد ادوار مانيه ولكن ايماءات تلك الاجساد كفيلة بايصال الرسالة التي تريد. ان رسالة الجسد لدى ستيفاني روو تتمثل في (الايماءة )و هي تعمد الى تغطية اجزاءه الحارة بالثوب المرسل او باليد وتظهر الاجزاء المحايدة لكي لا تقطع الخيط الرفيع بين الجمال والاثارة. ولاجل ان تصل الرسالة بشكل صحيح ، ربما لايمانها باشكالية التلقي رغم انها واثقة بان لحظات الحوار المقدس بين نسائها واجسادهن قادرة على جعلنا نحترم هذا الكيان المادي الفاني.
لا يمكنك ان تنظر الى روح المراة بمعزل عن جسدها كما لا يمكن ان تفهم لغة الجسد الانثوي بمعزل عن روح المراة ان ستيفاني روو مؤمنة بقدرة هذا الجسد المقتصد في ايماءاته والمتحفظ في ظهوره على ان يؤكد توحده مع امتداده الروحي واذا كانت رسالة الفنان في ان يكشف عن روح الاشياء وكوامن وجودها فان افضل اظهار لروح المراة هو الجسد كما هو. كما ترى ستيفاني روو
 



( لوحة رقم 1 )
 

( لوحة رقم 2 )
 


( لوحة رقم 3 )


اضاءات:

  • رغم ان الاغريق القدماء حاولوا ذلك في جعل اعمدة معابدهم وقصورهم تشبه القوام الانساني مميزين نوعين من الاعمدة بحسب مقاربتها للجسد ذكرا كان ام انثى .

  • من اساتذة مدرسة البندقية في عصر النهضة وهو من مؤسسي التوجه الشاعري في الرسم.
     

 

رجوع